بسم الله الرحمن الرحيم
(24) الرسول الكريم ومداعبته لمن حوله ...
قال لعمته صفية : لا تدخل الجنة عجوز .. فبكت ، فقال لها وهو يضحك : الله تبارك وتعالى يقول :"إنا أنشأناهن إنشاءا * فجعلناهن أبكارا *عرباً أترابا". ففهمت ما أراد وثابت إلى الرضا والرجاء .. وطلب إليه بعضهم أن يحمله على بعير ، فوعده أن يحمله على ولد الناقة ، فقال : يا رسول الله ، ما أصنع بولد الناقة ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : وهل تلد الإبل إلا نوق ؟ .. وكان في بعض أسفاره ، فأمر بإصلاح شاه ، فقال رجل : عليّ ذبحها ، وقال آخر عليّ سلخها ، وقال آخر عليّ طبخها ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : وعليّ جمع الحطب ، فقالوا : نحن نكفيك . فقال : قد علمت أنكم تكفوني ولكني أكره أن أتميز عليكم ، فإن الله يكره من عبده أن يراه متميزاً بين أصحابه..وقام وجمع الحطب .
(25) شجاعة الأمام عليّ رضي الله عنه ...
في وقعة الخندق .. خرج عمرو بن ودّ - فارس الجزيرة العربية الذي كان يقوم بألف رجل عند أصحابه وعند أعدائه - خرج مقنعاً في الحديد ينادي جيش المسلمين : من يبارز ؟ فصاح عليّ : أنا له يا نبيّ الله .. قال النبي وبه اشفاق عليه : إنه عمرو ، اجلس .ثم عاد عمرو ينادي : ألا رجل يبرز لي ؟ وجعل يؤنّبهم قائلاً : أين جنّتكم التي زعمتم أنكم داخلوها إن قُتلتم ؟ أفلا تبرزون إلى رجل ؟ فقام عليّ مرة بعد مرة وهو يقول : أنا له يا رسول الله . ورسول الله يقول له مرة بعد مرة : أجلس ، إنه عمرو ، وهو يجيبه : وإن كان عمراً ؟..حتى أذن له فمشى إليه فرحاً بهذا الإذن الممنوع . فنظر إليه عمرو فاستصغره وأنف أن يناجزه وأقبل يسأله : من أنت ؟ .. قال ولم يزد : أنا عليّ . قال عمرو : ابن عبد مناف ؟ قال عليّ : ابن أبي طالب . فأقبل عمرو إليه يقول : يا ابن أخي ، من أعمامك من هو أسنّ ، وإني أكره أن أريق دمك . فقال له عليّ : لكني والله لا أكره أن أريق دمك . فغضب عمرو وأهوى عليه بسيف كان كما قال واصفوه كأنه شعلة نار ، واستقبل عليّ الضربة بدرقته (درعه) فقدها السيف وأصاب رأسه ثم ضربه عليّ فسقط ونهض وثار الغبار ، فما انجلى إلا عن عمرو صريعاً ، وعليّ يجأر بالتكبير .
(26)إجابة الدعاء ...
مر إبراهيم بن أدهم بسوق البصرة ، فاجتمع الناس حوله ثم قالوا له : يا أبا اسحق ، ما لنا ندعو الله تعالى فلا يستجيب لنا ؟ فقال : لأن قلوبكم ماتت بعشرة أشياء :
1- عرفتم الله فلم تؤدوا حقوقه .
2- زعمتم أنكم تحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركتم سنّته .
3- قرأتم القرآن ولم تعملوا به .
4- أكلتم نعم الله فلم تؤدوا شكرها .
5- قلتم أن الشيطان عدوّكم ولم تخالفوه .
6- قلتم أن الجنّة حق ولم تعملوا لها .
7- قلتم أن النار حق ولم تهربوا منها .
8- قلتم أن الموت حق ولم تستعدوا له .
9- انتبهتم من النوم فاشتغلتم بعيوب الناس ونسيتم عيوبكم .
10- دفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم .
فكيف يستجيب الله لكم ؟
(27) صدقت يا رسول الله ...
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرحم أمتي هو " أبو بكر".. وأقواهم في دين الله "عمر بن الخطاب".. وأشدّهم حياءا "عثمان بن عفان".. وأمضاهم هو "عليّ بن أبي طالب".. ولكل نبيّ حواري ، ومن حواريّ "طلحة" و "الزبير".. وحيثما كان "سعد بن أبي وقاص" كان الحق معه..و" سعيد بن زيد" من أحباب الرحمن.. و "عبد الرحمن بن عوف " من تجار الرحمن.. و" أبو عبيدة بن الجراح " أمين الله ورسوله وأمين الأمة.
(28) أشدّ جنود الله ...
سُئل أحد الخلفاء الراشدين : ما أشدّ جنود الله ؟ فأجاب : أشدّ جنود الله عشرة :
الجبال الرواسي.. والحديد يقطع الجبال فهو أقوى من الجبال .. والنار تذيب الحديد فهي أقوى من الحديد.. لكن الماء يطفئ النار ، فالماء أقوى.. إلا أن السحاب المسخّر بين السماء والأرض يحمل الماء .. والريح تقطع السحاب ، فالريح أقوى.. وابن آدم يغلب الريح ويتحكم بها .. والمرض يغلب ابن آدم ويقعده .. والنوم يغلب المرض ويخففه .. ثم أن الهمّ يغلب النوم فالهمّ أقوى.. ولا يتغلب على همّ الإنسان إلا قوة إيمانه بربه.. فكن مع الله تصبح أشدّ جنود الله ..
(29) من المواقف العظيمة ...
اشتدّ الغلاء في عهد أبي بكر الصدّيق ، وافتقد الناس الكثير من السلع ، فدعا أبو بكر ، ودعا المسلمون أن يفرّج الله عنهم ما هم فيه من شدّة.. وإذا بقافلة تجارية مكوّنة من ألف جمل تحمل أصنافاً من السلع تدخل المدينة.. هذه القافلة كانت تجارة لعثمان بن عفان، فتسابق إليه تجار المدينة وأهلها ، يرجونه أن يبيعهم ليوسّعوا على الناس وليخرجوهم من هذه الشدّة..فقال لهم سيدنا عثمان : كم تربحوني ؟ فقالوا : نشتري منك بالضعف .. وقال آخرون نشتري بالضعفين.. فرفض سيدنا عثمان وقال لهم : لقد بعتها بعشرة أضعاف .. قالوا له : من أعطاك أكثر من هذا ونحن تجار المدينة لم يغب منا أحد ؟ .. فقال : قد أعطاني الله الواحد بعشرة .. وأشهدكم يا معشر التجار والمسلمين ، إنني قد تصدّقت بالطعام الذي تحمله القافلة على فقراء المدينة.
(30) عمر رضي الله عنه قاضياً...
عين أبو بكر رضي الله عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قاضياً على المدينة ، فمكث سيدنا عمر سنة لم يختصم إليه إثنان ، فطلب من سيدنا أبو بكر إعفاءه من القضاء .فسأله سيدنا أبو بكر : أمن مشقّة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر ؟ .. قال عمر رضي الله عنه : لا يا خليفة رسول الله ، ولكن لا حاجة لي عند قوم مؤمنين ، عرف كلٌ منهم ما له من حق فلم يطلب أكثر منه ، وما عليه من واجب فلم يقصّر في أدائه ، أحب كلٌ منهم لأخيه ما يحب لنفسه ، إذا غاب أحدهم تفقّدوه ، وإذا مرض عادوه ، وإذا افتقر أعانوه ، وإذا احتاج ساعدوه ، وإذا أصيب واسوه.. دينهم النصيحة ، وخلقهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. ففيم يختصمون ؟.
(31) كيف ترضى بمرتبة الضعفاء ...
الفضيل بن عياض العالم الزاهد القدوة إمام الحجاز شيخ الإسلام في القرن الثاني من الهجرة، كان له صديق عابد. قرر العابد يوما أن يخرج في تجارة من بلده، وودع الإمام. لكنه لم يلبث أن عاد للبلد. سأله الفضيل ما القصة؟ قال: بينما كنت في الطريق أبصرت قُبّرَة (طائرا صغيرا) عمياءَ. فسألت نفسي كيف تعيش هذه ومِم تقتات؟ ثم إذا بقبَّرة مبصرة تأتيها بطعام تضعه في فمها. قال العابد المؤمن: فعلمت أن الله تعالى يرزق من يشاء كما يشاء. ورجعت مقتنعا بأن رزقي يأتيني بتجارة وبدون تجارة.
فماذا قال الفضيل؟ وكان الفضيل رحمه الله من أئمة الزهاد.
قال للعابد: يا أخي، الأمر كما تقول، لكن كيف ترضى أن تكون مثل القبرة العمياء التي يسعى إليها برزقها غيرها، ولا تسمو بك همة لتكون أنت القبرة المبصرة التي تسعى لنفسها ولغيرها. كيف ترضى بمرتبة الضعفاء ولك قدرة على الكسب؟
قبراتٍ عمياواتٍ تردن معشر المؤمنين والمومنات، أم ساعين وساعياتٍ على أنفسهم وعلى أمتهم؟
(32) الخير يعم ...
دخل إعرابي على أحد الأمراء وقال له :
- أنت علينا ثلاثة أعوام ..عام أذاب الشحم ، وعام أكل اللحم ، وعام انتقى العظم.. وأنتم عندكم أموال ، فإن كانت لله فبثوها في عباد الله ، وإن تكن للناس فلماذا تمنعونها عنهم ؟ وإن تكن لكم فتصدقوا بها ،إن الله يجزي المتصدقين . فتنهد الأمير قبل أن يسأله : هل لك في حاجة غير هذا ؟ فقال الإعرابي : كلا.. فصمت الأمير للحظة ثم أمر له بمبلغ كبير من المال ..
لكن الإعرابي رفضه قائلاً : لا خير في خير لا يعمّ.. فأعطاه الأمير مالاً وفيراً فرقه الإعرابي على قومه.
(33) أدب الحديث ...
سُئل العباس بن عبد المطلب : أيكما أكبر : أنت أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فأجاب : رسول الله أكبر ، وأنا ولدت قبله.
(34) تراب الجنّة ...
قال لقمان لابنه : إن جئتني بحفنة من تراب الجنّة لك عندي هدية . فاختفى الإبن لحظات ثم عاد وفي يده حفنة من تراب ، فسأله لقمان : أين كنت ؟ فرد الإبن : كنت أحضر طلبك . فسأله لقمان مرة أخرى : من أين أحضرته ؟ قال : من تحت أقدام أمي.